وفى قوله تعالى:«وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ» تأكيد لهذا البرّ الإنسانى بالمرأة المتوفّى عنها زوجها، إذ جعله الله حقّا للمطلقات عموما، فالمتوفّى عنها زوجها أحق وأولى بهذا البر منهن.
وإذ جعل الإسلام هذا البرّ حقا واجبا للمرأة المطلقة أو المتوفى عنها زوجها، على الزوج المطلّق، أو على ورثة المتوفى، فإنه لم يكتف بهذا الأمر الملزم، بل استدعى له إنسانية الإنسان كلها، وخاطب فيه جانب المروءة والرجولة، ليكون من ذوى الفضل والإحسان، وذلك ليشد الأمر الديني إلى ضمير الإنسان، وليوقظ له المشاعر الطيبة الرحيمة فيه، حتى يستقبل الأمر الديني، طيب النفس، منشرح الصدر، فيخف عليه أداؤه، والوفاء به على أكمل وجه وأتمه.. فسبحان الحكيم العليم المستولى بحكمته وبعلمه على ما تكن الضمائر وما تخفى الصدور! قوله تعالى:«كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» أي بمثل هذا البيان المبين، يخاطبكم الله بآياته، ويعلمكم آدابه وأحكامه، حتى تكونوا على هدى وبصيرة، لما التقى بعقولكم من هذا العلم الرّبّانى الوضيء.