ولكنّ القدر الذي فى الإنسان، من جبر أو اختيار، هو الذي يضع الأمر موضع الخفاء والحيرة.. ويقع من الناس موقعا يثير الجدل والخلاف حقّا.
كم فى الإنسان من جبر؟ وكم فيه من اختيار؟ لا أحد يدرى.. فتلك مسألة تختلف من إنسان إلى إنسان.. بل إنها تختلف فى الإنسان نفسه، حسب الحالة التي يواجهها، وحسب الظروف المحيطة به، والمشاعر المستولية عليه..
على ما سنرى. من خلال هذا البحث.
[ما القضاء؟ وما القدر؟]
[القضاء:]
لم يذكر «القضاء» فى القرآن الكريم بلفظه هذا، وإنما ذكرت مشتقاته، فى آيات كثيرة.. فذكر فى صورة فعل كقوله تعالى:«فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ»(١٢: فصلت) وقوله سبحانه: «وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ»(٢٠: غافر) وفى قوله تعالى: «وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً»(٢٣: الإسراء) كذلك ورد من مشتقات «القضاء» : اسم المفعول فى قوله تعالى: «وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا»(٢١: مريم) واسم الفاعل فى قوله سبحانه: «فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ»(٧٢: طه) .
والذي ينظر فى هذه الآيات، يجد تقابار واضحا بين المعاني التي تدور حولها مشتقات القضاء، وأنها تلتقى جميعا عند معنى واحد، هو: الفصل، والحسم فى الأمر، وأن قضاء الأمر معناه إنجازه، وحسمه، من جهة قادرة ممكنة