للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: «وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ» هو من قبيل قوله تعالى: «وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ» (٢٧: البقرة) .

وقد قلنا في تفسير قوله تعالى: «وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ» .

إن الذي أمر الله به أن يوصل، هو إيمان الفطرة، مع إيمان الدعوة، وأن الكافرين بكفرهم وتأبّيهم على الاستجابة لدعوة الرسول، قطعوا ما أمر الله به أن يوصل، وهو الإيمان المركوز في الفطرة، بالإيمان الذي يدعو إليه الرسول..

وهنا في قوله تعالى: «وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ» . إشارة إلى ما يرتكبه قوم لوط من قطع سبيل الفطرة السليمة، التي تدعو إلى اتصال الذكر بالأنثى، والرجل بالمرأة، وذلك باعتزالهم النساء، وإتيانهم الذكران.. وذلك قطع منهم للسبيل المستقيم، الذي تسير عليه الكائنات جميعا، حيث يأخذون هم سبيلا غير هذه السبيل! - وقوله تعالى: «وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ» . إشارة إلى أن القوم كانوا من الفجور وجفاف ماء الحياء من وجوههم، بحيث لا يجدون حرجا في أن يأتوا هذا المنكر علانية، وهم في مجتمعهم الذي يجتمعون فيه.. وهذا غاية ما يتردّى فيه الإنسان، فى طريق الانحدار إلى عالم الحيوان..

هذا وقد عرضنا من قبل لتفسير قصة لوط مع قومه في أكثر من موضع، فلا داعى لإعادة ذلك هنا..

الآيات: (٣٦- ٤٠) [سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٣٦ الى ٤٠]

وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٣٦) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (٣٧) وَعاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (٣٨) وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ (٣٩) فَكُلاًّ أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٤٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>