للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الحلف نفسه، والمبالغة فيه هو الذي يكشف المستور من أمرهم، ويعطى الدليل على أنّهم على غير الإسلام.. إذ أنهم لو كانوا مسلمين حقّا لما حلفوا وأكّدوا الحلف أنهم مؤمنون، ومع المؤمنين.. فما دعاهم أحد أن يحلفوا، ولكنّ كائن النفاق الذي يعيش فى كيانهم هو الذي حملهم على أن يستروا كذبهم ونفاقهم بهذه الأيمان المؤكدة، حتى لا يفتضح ما فى قلوبهم..

وهكذا المجرم، يحوم حول جريمته، يريد أن يخفى معالمها حتى ولو لم تكن هناك معالم لها.. لأنه لخوفه يتصور أن كل ما كان فى مكان الجريمة من كائنات، شاهد عليه، ينادى فى الناس بالإمساك به قبل أن يفلت.

وقوله تعالى: «حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ» أي فسد تدبيرهم، وخاب ظنّهم، وبطل سعيهم، فكان ذلك خسران لهم أي خسران.. خسروا المؤمنين الذين أصبحوا فيهم وقد افتضح أمرهم لهم، وخسروا أولياءهم من أهل الكتاب بعد أن أصابتهم الهزيمة، وعلت راية الإسلام، وعزّت كلمته..

الآيات: (٥٤- ٥٦) [سورة المائدة (٥) : الآيات ٥٤ الى ٥٦]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٥٤) إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ (٥٥) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ (٥٦)

التفسير: بعد هذه المراقبة التي اطلع منها المسلمون على هؤلاء المنافقين الذين ارتدّوا على أدبارهم، وألقوا بأنفسهم فى مجتمع اليهود وغيرهم، ممن يكيدون

<<  <  ج: ص:  >  >>