منه وجوههم قبل أن يصل إلى أفواههم.. ذلك هو نزلهم، وتلك هى عيشتهم.. فبئس الشراب شرابهم، وبئس العيش عيشهم! قوله تعالى:
«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ.. نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً» هذا هو الوجه الآخر من وجوه الناس يوم القيامة، وهم المؤمنون، الذين آمنوا، ثم أتبعوا إيمانهم بالأعمال الصالحة، فهؤلاء لا يضيع أجرهم عند الله.. فقد أعدّ لهم سبحانه جنات عدن، أي جنات الخلود، لا يخرجون منها أبدا.. يقال: عدن فى المكان، أي أقام واستقرّ.
هذه الأنهار التي تجرى من تحت الجنات، وتلك الأساور من ذهب التي يحلّون بها، وهذه الثياب الرقيقة من السندس، وما فوقها من إستبرق، وتلك الأرائك التي يتكئون عليها.. هذا كلّه، هو بعض ما يجد أصحاب الجنة فى الجنة، مما كانت تشتهيه أنفسهم فى الدنيا، ولا يجدون سبيلا إليه، إما لقصر أيديهم عنه، وإما لنزولهم طوعا عما فى أيديهم، إيثارا لدينهم، واستعلاء على متاع هذه الحياة الدنيا الذي لا بقاء له.. أما ما فى الجنة من نعيم، فهو مما لم تره عين، ولم تسمعه أذن، ولم يخطر على قلب بشر.
الآيات:(٣٢- ٤٤) [سورة الكهف (١٨) : الآيات ٣٢ الى ٤٤]