وفى قوله تعالى:«فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ» إشارة ثانية إلى هؤلاء الكافرين من أهل الكتاب الذين كذّبوا بمحمد، وكفروا بآيات الله التي بين أيديهم، فيما تحدّث به عنه.
والمعنى: فذوقوا العذاب بسبب هذا الذي كنتم تكفرون به، وهو «محمد» وما تحدثكم به التوراة عنه.
ثم انظر بعد هذا، وفى الجانب الآخر من الصورة، تجد المؤمنين وقد انتقلوا من هذا الموقف، موقف المحاكمة، فى لحظة خاطفة، دون أن يسألوا..
فإذا هم فى رحمة الله هم فيها خالدون.. «وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ» .
الآيتان:(١٠٨، ١٠٩) [سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٠٨ الى ١٠٩]
التفسير: يبين الله سبحانه لنبيه الكريم فى هاتين الآيتين الكريمتين لطفه به وبعباده، وأنه سبحانه يخاطبه بلسان الحق، وينزّل عليه آياته بالحق، ليهتدى بها الضالون، ويعلم منها الجاهلون، وبذلك لا يكون للنّاس على الله حجة بعد هذا البلاغ المبين، ولا يكون لقائل منهم أن يقول ما حكاه الله عنهم فى قوله تعالى:
«رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ»(٤٧: القصص) .. فإذا أخذ الله بعد ذلك مذنبا بذنبه كان ذلك هو الحكم الذي ينبغى أن يدين به العاقل نفسه.. «وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ» لأنه لو شاء سبحانه أن يعذب الناس جميعا- محسنهم ومسيئهم- لما كان لأحد