فيها ظل الشيء أضعاف أصله، ثم ينكمش رويدا رويدا، حتى يقع تحت قدميه عند الزوال، ثم يبدأ فى الطول شيئا فشيئا، حتى يعود كما بدأ أول النهار، فى طوله وامتداده، أضعافا مضاعفة. إنها دورة كاملة للظل على الأرض، أشبه بدورة الأفلاك فى مداراتها..
وأقرب شىء إلى الإنسان، وألصق الأشباه به، هو ظلّه.. وهذا الظلّ يسجد لله.. فإذا كان الإنسان مؤمنا سجد، وسجد معه ظله.. وإذا كان كافرا يأبى السجود لله، فإنه ساجد لله- كرها- بظله هذا الذي يسجد لله غدوة وأصيلا، وما بين الغدوة والأصيل.. فهل يستطيع أن يحول بين ظله وبين أن يسجد لله؟ فليجرب إذن.. وسيجد أنه كما لا يملك أن يمنع ظله من السجود لله، والانقياد لله، فإنه لا يملك نفسه من الانقياد لله، والخضوع لسلطانه القائم عليه، فى كل حركة يتحركها، أو نفس يتنفسه.. وليجرّب مرة أخرى إن كان يستطيع الخروج عن سلطان الله! وهل يستطيع مثلا أن يعيد نفسه إلى الشباب إن كان شيخا؟ وهل يستطيع أن يدفع عن نفسه عادية الجوع إذا امتنع عن الطعام يوما أو أياما؟ وهل يستطيع أن يغلب النوم فلا ينام أبدا؟ ثم أيستطيع أن يفرّ من الموت الذي هو ملاقيه يوما؟ أليست هذه، وآلاف غيرها من الضرورات القاهرة التي تتحكم فى الإنسان، وتأخذه من مقوده- أليست من مظاهر الخضوع لله، طوعا وكرها؟ وبلى! وإن الله سبحانه وتعالى ليقول: