التفسير: أمام الخوارق المذهلة التي تخرج عن مألوف الحياة، وتجىء على غير حساب الناس وتقديرهم- يقف العقل مشدوها مضطربا، إذ يفقد توازنه، ويفلت من بين يديه كل حساب وتقدير، ويضل عنه ما كان له من علم ومعرفة..
لقد رأى موسى عليه السّلام- العصا يلقى بها من بين يديه فتتحوّل إلى حيّة تسعى، فتأخذه الرهبة، ويستولى عليه الفزع، وينطلق مسرعا.. ولا يمسكه أنه بين يدى الله، يناجيه ويسمعه كلماته! وهذا زكريا- عليه السّلام- يسمع الحق- جلّ وعلا- يستجيب دعاءه، ويبشره بالولد الذي طلب، فتعتريه حال كتلك الحال التي اعترت موسى حين انقلبت العصا إلى حية تسعى! فلا يملك أن يسأل ربّه: أنّى يكون لى غلام وقد بلغني الكبر وامرأتى عاقر؟ إنها صدمة المفاجاة بهذا الأمر الخارق العجيب، ولو جاء هذا الأمر متلبسا بمقدمات تومىء إليه، وتكون إرهاصا به- لما كان من هذا النبي الكريم هذا الموقف المثير لعجبه ودهشته، لأنه على يقين من قدرة الله التي لا حدود لها، والتي لا يسأل أمام عجائبها ومبدعاتها.. بكيف؟ ولكنها- كما قلنا- صدمة المفاجأة، ودهشة المستقبل