الحول والحيلة «ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ» أي لا حرج علينا، ولا حائل من خلق أو دين يحول بيننا وبين أن نستغلّ الأميين، بشتى الصور ومختلف الأساليب! والأميون هم غير اليهود، وهم العرب خاصة، إذ كانوا ولا كتاب لهم.. وقد منّ الله على هؤلاء الأميين- أي العرب- إذ بعث فيهم رسولا منهم، فقال تعالى «لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ»(١٦٤: آل عمران) .
قوله تعالى:«وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ» تكذيب لا دعائهم بأن ليس عليهم حرج، فيما نقضوا من عهود، أو ضيّعوا من حقوق فيما بينهم وبين غيرهم، فقد أقاموا هذه الدعوى على أساس من دينهم وشريعتهم، إذ كانوا أهل دين وأصحاب شريعة، وليس فى دينهم الذي أنزله الله على أنبيائهم ولا فى الشريعة التي حملها هذا الدين- إباحة للبغى والعدوان، ولا دعوة للسلب والنهب والسرقة، ولا تفرقة بين الناس والناس فى الحقوق والواجبات! وإنما بدل اليهود فى التوراة وغيّروا، ودسوا فيها من الأحكام والشرائع ما يغذّى غرورهم الزائف، ويرضى شعورهم المريض، نحو الإنسانية كلها، وأهل الأديان خاصة.