التفسير: بيّن الله سبحانه وتعالى فى الآية السابقة: «لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ» - ما للعامل من حق فى أن يجنى ثمرة عمله، وأن ينعم بنصيبه منها، بعد أن يؤدى ما لله وما للعباد عليها من حقوق، وذلك ليستحثّ الذين لا يعملون على العمل، وعلى ألّا ينظروا إلى ما فى يد العاملين من ثمرات أعمالهم.
ولم يقف القرآن الكريم عند هذا، من إقرار حق العامل فى ثمرة عمله، بل جعل لقرابة هذا العامل، وذوى رحمه، متعلّقا بهذه الثمرة، يرثونها بعد موته..
فهم أولى الناس به، وهو أحرص الناس على نفعهم، وسوق الخير إليهم..
ولهذا جاء قوله تعالى فى هذه الآية:«وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ» مقررا هذا الحق للورثة فى قريبهم الذي ترك خيرا من بعده.
والمعنى: ولكل من الرجال والنساء الذين أشار إليهم سبحانه وتعالى بقوله:
«لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ» .. لكل من هؤلاء الرجال والنساء جعلنا لهم موالى- أي ورثة- يرثونهم، فيما خلّفوا وراءهم من مال ومتاع، وهذا ما أشار إليه سبحانه فى آيات المواريث أول هذه السورة:«لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً» .
والمولى يطلق على معان كثيرة، منها: القريب، والناصر، والمعين، والسيد،