«ولكن إله بينه وبين سائر العقول الفردية قسط مشترك، هو الاشتراك فى إدراكات بعينها، لكنه فى الوقت نفسه يتميز بفردية مستقلة، كما يتميز كل فرد من الأفراد الصغرى بفرديته المستقلّة..
فالصورة، أقرب إلى سلّم متدرج من عقول.. فعقل أكبر من عقل، لأنه يدرك إدراكات هذا العقل ثم يزيد عليها، ثم عقل ثالث أكبر من هذا العقل، فرابع أكبر.. وهكذا دواليك صعودا، دون أن يتحتم أن يكون هناك عقل مطلق يسع كل شىء.. فالعقل الأعلى فيه كل ما فى الأدنى مع الاحتمال دائما بأن يكون هناك ما هو أعلى» .
ومنطق هذا القول يقضى بأن لا تنتهى درجات السلّم العقلي عند نهاية ليس بعدها شىء، بل هناك احتمال دائما بأن يكون هناك ما هو أعلى.. ومع وجود هذا الاحتمال، فإن الواقع المحقق هو أن هناك عقلا أعلى يسع العقول جميعا، وهو الذي يمكن أن يطلق عليه العقل المطلق، مادام ليس هناك ما هو فوقه.
فإذا وقع الاحتمال المتوقع، وهو ظهور عقل أعلى، كان هو العقل المطلق..
وهكذا.
ولعل ماحدا بوليم چيمس إلى هذه الفكرة التي تجعل العقول متصاعدة، دون أن تضيع فى ذلك شخصية العقل الأدنى فى العقل الأعلى- هو أنه أراد أن يحتفظ لكل فرد بإرادته المستقلة، لتقع عليه مسئوليته الخلقية.. وهذا ما يجعل لكفاح الأفراد نحو الخير معنى، لأنه يجعل فى مستطاع الأفراد تغيير ما هو كائن، إذا كان ذلك الكائن شرا، ليصبح أفضل مما هو وأكمل..
[الله والإنسان.. مرة أخرى]
لا يستطيع عاقل أن ينكر إرادة الإنسان المستقرة فى كيانه، والتي بها