أن يستعصموا بها، وأن يحكموا فتلها، بتوجيه قلوبهم إلى الله، وإخلاص نياتهم للإيمان به- إذ رأى المؤمنون هذا فزعوا إلى الله وضرعوا بين يديه، ألّا يصير أمرهم إلى ما صار إليه أمر هؤلاء السفهاء الحمقى، الذين غلبت عليهم شقوتهم.. فضلوا سواء السبيل.. فبين يدى الله يضرع المؤمنون بهذا النداء الذي ساقه الله إليهم، ليكون سفينة النجاة لهم «رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ» .
[الآية:(٩) [سورة آل عمران (٣) : آية ٩]]
رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (٩)
التفسير: ومن تمام الإيمان بالله، وجلاء القلوب من الشرك والزيغ، الإيمان بالبعث والجزاء، فبهذا الإيمان تقوى صلة المؤمن بربه، وتشتدّ مراقبته له، وحرصه على مرضاته، لينجو من شر هذا اليوم «يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ» ويفوز بمرضاته ورضوانه.. وإنه لو لم يكن هناك بعث، ولا حساب، ولا جزاء، لكان الإيمان بالله مجرد تصور عقلى، لا يكاد يؤثر فى سلوك الإنسان، أو يمسك زمام هواه! وإذ يذكر المؤمن هذا اليوم- يوم البعث والجزاء- ويستحضر أهواله، وما يلقى فيه العصاة من عذاب- يخشع لله ويخضع، ويفكر أكثر من مرة، قبل أن يركب منكرا، أو يواقع معصية.. ولو استحضر المؤمن هذا اليوم، وتمثله فى خاطره، وأشهده كل موقف تراوده فيه نفسه على منكر، ويؤامره فيه هواه على معصية- لكان له من ذلك قوة تعينه على الخلاص من دوافع شهواته، ونزوات أهوائه، ولهذا كان مما فضل الله به على المؤمنين، أن جعل