كان تحوّل النبىّ والمسلمين بقبلتهم فى الصلاة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام، حدثا اتخذه اليهود ذريعة للتشويش على المسلمين، وإدخال البلبلة والاضطراب على معتقدهم، فكانوا يرصدون كل حدث يقع فى محيط المسلمين، ليقعوا منه على سلاح مسموم، يعملونه فى المعركة التي يخضونها ضد الإسلام والمسلمين.
وحين أمر الله نبيه أن يتحول بالمسلمين إلى المسجد الحرام فى الصلاة وجدها اليهود فرصة سانحة للعمل، فأذاعوا أن محمدا إنما فعل ذلك على حساب عقيدته، للخلاف الذي بينه وبينهم، وأن بيت المقدس هو قبلة الأنبياء جميعا، فكيف استباح محمد لنفسه أن يخرج على شريعة الأنبياء وهو الذي يدعو إلى الإيمان بهم جميعا؟ فإذا كان دينه من عند الله، فهذا الذي فعله هو إبطال لهذا الدين، ومعالنة صريحة بالخروج على أحكامه، وأما إذا كان ما يدعو إليه من دين هو من عمله، فإن له أن يغيّر فيه ويبدّل كيف يشاء، لكن على ألا يتحكك بالأديان السماوية، وألا يعقد صلة بينه وبين الأنبياء.!
بمثل هذه التخرصات كان يلقى اليهود المسلمين، على ألسنة المنافقين ومن فى قلوبهم مرض، وقد أثاروا بهذه المقولات بلبلة واضطرابا، حتى لقد وقع عند بعض المسلمين أن صلاتهم التي اتجهوا بها إلى بيت المقدس لم تكن قائمة على وجهها الصحيح، ولهذا أمرهم الله بالتحول إلى البيت الحرام!