اليهود منه، وأنهم كذّبوا بالأنبياء الذين جاءوهم بالبينات- أي عيسى- وبالزبر- أي مجموعات الأنبياء الذين حمل كل منهم بعض كلمات الله إليهم، وبالكتاب المنير، وهو القرآن الذي جاء به «محمد» صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.
التفسير: وهذه الآية الكريمة تحمل أيضا عزاء كريما إلى النبىّ الكريم، بما تهوّن عليه من أمر الدنيا، وما يلقى فى تبليغ رسالة ربّه، من عناد وعنت، وما يعرض له نفسه وأصحابه المجاهدين معه من جهد وبلاء، فى ملاقاة الموت، والاستشهاد فى سبيل الله..
فهذا كلّه هيّن فى لقاء الجزاء الحسن، الذي أعدّه الله لرسوله وللمؤمنين، من رضى ونعيم..
أما أمر الموت، فهو حكم واقع على كل حىّ، ونازل بكل نفس..
«كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ» وإذا كان ذلك هو الشأن، فالحرص على الحياة، والفرار من مواقف الحق والخير، طلبا للأمن والسلامة- أمر لا يكتب الخلود لأحد، فضلا عن أنه لا يمدّ له لحظة واحدة فى أجله المقدور له.
وأما الذي ينبغى الحرص عليه، والبذل من أجله، فهو الآخرة، التي هى دار البقاء والخلود.. وإذا كان هذا شأنها وذلك وزنها وقدرها، فإن العقل يقضى بطلب العمل لها، والسلامة فيها.. «فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ» .