للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الآية: (٢٧٣) [سورة البقرة (٢) : آية ٢١٣]]

كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢١٣)

التفسير: قوله تعالى: «كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً» أي أصلا واحدا من طبيعة واحدة.. هى الفطرة التي فطر الله الناس عليها.. ثم تناسلوا، وكثروا وتفرقوا فى وجوه الأرض، وخضعوا لمؤثرات الحياة، ووقعت بينهم منازعات ومشاحنات، وجرى بينهم البغي والعدوان، وولدت لهم مدركاتهم مواليد من الضلال، والبهتان، ففسدت طبيعتهم، وعطبت فطرتهم، فغاثهم الله برحمته، وبعث فيهم رسله، بكلماته الشافيات، وآياته البينات، ليصححوا معتقداتهم، ويسلكوا بهم مسالك الحق، ويقيموهم على الطريق السوي، كما يقول سبحانه: «فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ» أي ليكون هذا الكتاب ميزان قسط بين الناس، يرجعون إليه فى ضبط أقوالهم وأفعالهم، وليسوّوا عليه حسابهم فيما يقع بينهم من خلاف.

والكتاب هنا هو مجمع كتب الله التي نزلت على رسله، لأن تلك الكتب فى مضامينها هى كتاب واحد، ينطق بالحق ويهدى للحق! وقوله تعالى: «وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ» تشنيع على أهل الكتاب، وتنديد بهم، إذ بعد أن جاءهم الحق من ربّهم، ووضحت لهم معالم الطريق بما حمل الكتاب إليهم من آيات الله البينات- وقع بينهم الخلاف، وعادوا إلى ما كانوا عليه من فساد عقيدة، وضلال سعى.. فإذا كان لخلافهم وشرودهم عن الحق وجه قبل أن يأتيهم هدى الله، فإنه لا وجه لهذا الخلاف بعد أن جاءهم الهدى واستنارت أمامهم معالم الطريق!

<<  <  ج: ص:  >  >>