هو السرّ فى النظم الذي جاء عليه النظم القرآنى، من إفراد كلمة «سبب» ، ليكون ذلك إشارة دالة على أنه سبب واحد، متخيّر من بين كل الأسباب، وأنه السبب الصالح السليم فيها، أو هو أصلح وأسلم الأسباب.. ويكون معنى النظم:«وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً» .. أي آتيناه سببا من كل شىء يعالجه، ويعمل فيه، وهو السبب الموصّل إليه على أكمل صورة وأعدلها.. وفى تنكير السبب، ما يغنى عن وصفه، إذ أن هذا التنكير يحمل فى كيانه- مع هذا الأسلوب الذي عليه النظم القرآنى- تنويها به، ورفعا لقدره، واستعلاء بمكانته بين الأسباب المتداخلة معه فى الوصول إلى الغاية المتّجه إليها..
[(مغرب الشمس.. ومطلعها)]
تحدثت الآيات عن بلوغ ذى القرنين مغرب الشمس، ومطلع الشمس..
وأنه تحرك غربا حتى بلغ مغرب الشمس، وتحرّك شرقا حتى بلغ مطلعها..
وقد حمل ذلك كثيرا من المفسّرين على الخوض فى تحديد المكان الذي تغرب فيه الشمس، والمكان الذي تطلع منه.. وكثير من الخائضين فى هذا الأمر كانوا على علم من هذا الذي نعلمه نحن اليوم من أمر الفلك، وأن الشمس لا تغرب أبدا.. وأنها إذا غربت من أفق من آفاق الأرض كانت فى شروق على أفق آخر من آفاقها..!
وإذا كان القرآن الكريم قد تحدث عن غروب الشمس وشروقها، فهو حديث منظور فيه إلى الواقع المشاهد من حياتنا، فى تعاملنا مع الشمس.. فنحن نراها تغرب وتشرق كل يوم، على الأفق الذي نعيش فيه من الأرض..
فذو القرنين، يرى- كما نرى- الشمس تغرب وتشرق كلّ يوم.. وقد ذكر القرآن الكريم وصفا للمكان الذي بلغه ذو القرنين غربا، والذي كانت