تغرب فيه الشمس، على مستوى نظره:«وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ» أي أنها كانت فى نظره تسقط وتختفى عند عين حمئة: أي عين ماء فيها طين قد اسودّ كثيرا، وكأنه الحمم.. أو هى «عين حامية» كما قرىء بها.. أي شديدة الحرارة.. وكما وصف القرآن الكريم هنا طبيعة الأرض التي تغرب فيها الشمس، وصف المجتمع البشرى الذي كان يعيش هناك، فقال تعالى:«وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً، قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً» ..
فهم قوم غير مؤمنين بالله..
أما مطلع الشمس، فلم يصف القرآن طبيعة الأرض التي تطلع منها، وإنما وصف طبيعة الجماعة الإنسانية كانت التي تقيم هناك.. فقال تعالى:«وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً..» أي أنهم على حال من البدائية، بحيث لا يرتفعون كثيرا عن مستوى الحيوان. فهم عراة أو شبه عراة.. لا تكنّهم بيوت مصنوعة، ولا تسترهم ثياب منسوجة.. يأوون إلى الكهوف والمغارات.
ولهذا اختلف موقف ذى القرنين من الجماعة البشرية، هنا وهناك.. فالجماعة التي وجدها عند مغرب الشمس، كانت على مستوى من الفهم والإدراك، ولديها ما يؤهلها لأن تتحمل التكاليف، وتدعى إلى الإيمان بالله..
ولهذا، وقف عندها ذو القرنين، وامتثل ما أمره الله فيها بقوله سبحانه: