لم تكن من الدين، وإنما وقعت من تأويلات، تحكّم فيها يومئذ واقع الحياة، وتحيف فيها المتأولون! إننا لو فعلنا هذا لأخر سنا تلك الألسنة التي ترمى الإسلام بالجمود والتخلف، وتحكم عليه بأنه دين الحياة القبلية، الذي لا يصلح لحياة المجتمع المتحضر، ولا يتفق والزىّ الذي يتزيا به إنسان القرن العشرين!
[الطلاق مثلا]
هو عند من يفهمون الإسلام هذا الفهم السقيم- لا يعدو أن يكون كلمة يتلفظ بها فى جد أو هزل، وفى صحو أو سكر، فإذا هى سيف قاطع يصيب المرأة فى مقتلها، وإذا هى جثة هامدة لا حياة فيها! وليس الطلاق هكذا فى شريعة الإسلام، ولا هو على تلك الصورة الهزيلة الباردة!
[الطلاق قضية:]
ونعم قضية.. مثيرة.. خطيرة.. لها شأنها ووزنها فى حساب الحياة، وفى بناء المجتمع الإنسانى! وبهذا الاعتبار، وعلى هذا التقدير، فإن أي انحراف يقع فى النظر إليها، أو أي سوء فهم يرد على تصورها، لا يصيب المرأة وحدها، وإنما تمتد آثاره السيئة إلى المجتمع كله، ونصيب الصميم من مركز القوة والحياة فيه.
بهذا التقدير الحكيم كانت نظرة الإسلام إلى الطلاق.. إنه فى نظر الإسلام قضية من أهم قضايا المجتمع البشرى، بل هى عملية جراحية خطيرة يقتطع بها الإنسان بضعة منه، على تكره واضطرار.
وقد رأينا فيما نظرنا فيه من آيات الكتاب الكريم فى شأن الطلاق كيف كانت نظرة الإسلام إلى الطلاق، وكيف كان تقديره له. فى كل مرحلة، وفى كل خطوة يخطوها الرجل نحوه..