- وفى قوله تعالى:«فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ» .
اختلف المفسرون فى هذا المقطع من الآية الكريمة.. فى العلم الذي جاء إلى بنى إسرائيل، وفى الاختلاف الذي وقع بينهم..
فذهب بعضهم إلى أن العلم الذي جاءهم، وأوقع الاختلاف بينهم، هو التوراة.. ويعلّلون لهذا بأنهم كانوا قبل ذلك على حال واحدة من الضلال، فلما جاءتهم التوراة، اختلفوا، فمنهم من آمن، ومنهم من كفر..
وذهب آخرون إلى أن «العلم» هو النبي صلى الله عليه وسلم، وما عرفوا من صفته فى التوراة، وأنهم كانوا على اتفاق بأن نبيا قد يظهر من العرب، وأن زمانه قد أظلّهم، فلما جاءهم ما عرفوا، تفرق رأيهم فيه واختلفوا: فكفر به أكثرهم، وآمن به قليل منهم..
والرأى عندنا.. أن يكون المراد بالعلم، هو العلم على إطلاقه..
ذلك أن العلم، وهو نعمة من نعم الله، وهدى من هداه، من شأنه أن يكون مصدر خير وهدى للناس، ولكنه- شأنه شأن كل نعمة- كثيرا ما يكون سببا فى الخلاف والتفرق.. الخلاف فى الرأى، والتفرق شيعا وأحزابا، تبعا للاختلاف فى الرأى..
وتلك حقيقة واقعة فى ماديات الحياة ومعنوياتها..
المجتمعات الفقيرة، التي تعيش على فطرتها وطبيعتها، مجتمعات متوحدة المشاعر والعواطف، متماسكة البناء.. ليس فيها طبقات ولا شيع ولا أحزاب..