عن موكب هذا الركب الضالّ، فآمنوا بالله، وصدّقوا رسوله، كما كانوا مؤمنين بالله من قبل، ومصدقين برسل الله الذين دعوهم إلى الإيمان.
وفى إيمان هؤلاء الذين آمنوا من أهل الكتاب، ما يؤنس الذين آمنوا من المشركين، ويجىء إليهم بشاهد جديد على صحة دينهم وسلامته، إن كان فيهم من يحتاج إلى هذه الشهادة أو يلتفّت إليها، بعد أن شهد ما شهد من آيات الكتاب المبين، ومعجزات كلماته.
ثم إن فى هذا الإيمان تسفيها لمن وقف من الإسلام هذا الموقف المعادى له من أهل الكتاب، إذ كان فيهم تلك الطلائع الراشدة التي عرفت الحق فيه، ووجدت الخير معه، فآمنت واهتدت، على حين ظلوا هم فى ضلالهم يعمهون.
وفى قوله تعالى:«وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ» إشارة إلى الصلة الوثيقة التي تجمع بين رسالات الرسل ودعوات الأنبياء، وأنها كلها على طريق الحق، والخير.
وفى قوله سبحانه:«لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلًا» تعريض بعلماء اليهود وأحبارهم، وما افتروا على الله، وغيروا وبدلوا فى آياته، لقاء ثمن قليل، ومتاع زهيد!
التفسير: بهذه الآية الكريمة تختم سورة «آل عمران» التي كان أبرز ألوانها هذا اللون المصبوغ بدم المجاهدين فى سبيل الله، فى أولى معارك الإسلام، وعلى امتداد الطريق الذي ساروا فيه، من أول يومهم معه، إلى يوم أحد!!