وعلى هذا، فإنا نرى أن الوقوف على لفظ الجلالة فى قوله تعالى:
«وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ» هو وقوف لازم، حتى يكون العلم بتأويل هذا المتشابه مقصورا على الله وحده، أما الراسخون فى العلم فهم والجاهلون سواء فى هذا المتشابه، لا يملكون إزاءه إلا التسليم بالعجز، وإلا أن يقولوا:
«آمنّا به» على ما هو عليه، لأنه هو والمحكم على سواء.. «كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا» .
وهذا موقف يجب أن يتملّاه العقلاء، وينتفع به أولو الألباب، وذلك بقياس الغائب على الشاهد، والبعيد على القريب، وإحالة المتشابه على المحكم!
التفسير: مما يقضى به العقل، وينزل على حكمه العقلاء، أن تكون الأحداث والمواقف دروسا نافعة، وعبرا مثمرة، يجتنى من ثمرها الخير، ويدفع بها البلاء.
وقد كان فى الموقف الذي وقفه أهل الزيغ والضلال والنفاق، من المكر بآيات الله، ما أركسهم فى الفتنة، وأغرقهم فى الضلال، حيث طرحوا كتاب الله وراء ظهورهم، وتعلقوا بالمتشابه من آياته، ليفتنوا الناس ويضلوهم، بما يتأولون لهم من مقولات عمياء.. فزادهم الله عمى إلى عمى، وضلالا إلى ضلال.
وإذ يرى المؤمنون هذا الموقف الذي اتخذه الزائغون، فتقطعت بهم الأسباب، التي كانت تصلهم بالإيمان، والتي كان جديرا بهم- لو عقلوا-