التفسير: النبيّون صلوات الله عليهم قائمون على أمر واحد، هو الدعوة إلى الله، وكشف معالم الطريق للناس إليه، ودعوة الناس بدعوة الحق والخير كما أمر الله.
ومن ثمّ كانت الجامعة بينهم، وكان النسب والقرابة! إذ كانوا جميعا يعملون فى ميدان واحد، وغاية واحدة.. ونجاح الدعوة لأىّ منهم هو نجاح ضمنى لهم جميعا، وهو انتصار فى موقع من مواقع الحق الذي يجاهدون فى سبيله.
وقوله تعالى:«وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ» هو توكيد لهذه الجامعة التي تجمع بين النبيين، وتوثيق للأمر الذي شدّوا أيديهم عليه وعلى الجهاد فى سبيله.
فلقد أخذ الله العهد على النبيين واحدا واحدا، فيما ندبهم له، وفيما دعاهم إليه، وهو أن تتوحد فى مجال الجهاد رايتهم، وألا ينسخ بعضهم بعضا، أو ينعزل بعضهم عن بعض.. فإذا قام نبىّ منهم يدعو إلى الله، ثم جاء نبىّ آخر يدعو بتلك الدعوة، كان على كل منهما أن يصدّق الآخر، ويؤمن به، وينصره فيما يدعو إليه، لأن نصرة هذا النبىّ نصرة له، ونصرة لرسالتيهما معا.
وليس هذا شأن الأنبياء وحدهم، فى إيمان بعضهم ببعض، وتصديق بعضهم بعضا، ونصرة بعضهم لبعض.. بل هو شأن أتباع الأنبياء جميعا..