وينفرد هذا المقطع:«أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ» بأنه حديث عن الغائب المفرد.. ولو جاء على نسق النظم فى الآية كلها لجاء هكذا:«أو جئتم من الغائط» .
فما سرّ هذا؟
وأكاد أنصرف عن بيان هذا السرّ، الذي يكاد لا يكون سرّا، بعد أن يواجهه المقطع المعدول عنه، والذي كان من المتوقع أن يحلّ محلّه.. هكذا:
ولكن لا بأس من أن نكشف هذا السرّ بعد أن انكشف، إذ لا تزال وراءه أسرار كثيرة لم تنكشف لنا، ولعلها تنكشف لمن يطلبها ويمعن النظر فيها..
ففى قوله تعالى:«أَوْ جاءَ أَحَدٌ» تنكير وإخفاء وستر لهذا الذي جاء من الغائط، بعد أن كان عريانا، يباشر عملا يحبّ أن يستره ولا يطلع أحد عليه.
ثم هو من جهة أخرى احترام لحياء المخاطبين، حتى لكأنهم لا يفعلون هذا الفعل الذي هو ضرورة ملزمة لكل حىّ.. والذي هو عمل يأتيه كلّ إنسان.. ولكنه أدب الحديث، الذي يؤدّبنا الله سبحانه وتعالى به، ويطلعنا من كلماته على ما لم تعرف الحياة فى أعلى مستوياتها من أدب كهذا الأدب السماوي الكريم!
الآيات:(٤٤- ٤٦) [سورة النساء (٤) : الآيات ٤٤ الى ٤٦]