هؤلاء القوم، وإن كانوا كما عرفتهم الحياة، وكما سيكشف القرآن الذي سينزل فيهم بعد هذا، كثيرا من وجوه بغيهم وضلالهم- فإن فيهم قلة قليلة تحتفظ فى كيانها بمعالم الإنسانية السليمة، قد عرفت الحق واستقامت عليه، وحكمت به حكما عادلا بعيدا عن الهوى..
والمراد بهؤلاء، هم بعض علماء اليهود والنصارى وأحبارهم ورهبانهم، وقد دخل كثير منهم فى الإسلام وأصبحوا فى عداد المسلمين..
وإذا عرفنا أن هذه السورة مكية، وأن النبي صلوات الله وسلامه عليه، لم يكن قد واجه اليهود بعد، ولم يكن بينه وبينهم لقاء مباشر بدعوته- إذا عرفنا هذا أدركنا سرّ هذه الإشارات البعيدة التي كان يشير بها القرآن إلى اليهود، حيث كانت هذه الإشارات إرصاصا بالمواجهة الصريحة التي ستكون بين النبي واليهود، بعد أن يهاجر النبي إلى المدينة، ويلتقى باليهود، ويقع بينه وبينهم هذا الصراع العنيف الذي عرضه القرآن الكريم، والذي انتهى بإجلاء اليهود من المدينة، فى عهد النبي، ثم بإجلائهم من الجزيرة العربية كلها فى خلافة عمر بن الخطاب.. رضى الله عنه، وأرضاه.
الآيات:(١٦٠- ١٦٢) [سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٦٠ الى ١٦٢]