للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعا: فى قوله تعالى: «وَلَوِ افْتَدى بِهِ» ما يكشف عن بعض البلاء النازل بهذا الذي كفر بالله، فى هذا اليوم، وأنه لو كان له ملء الأرض ذهبا لسمحت به نفسه فى غير تردد أو مساومة، ليدفع هذا البلاء، ويخلص بجلده.. وانظر كيف يسمح يهودى بهذا الذهب كلّه، ولا تنازعه نفسه إلى أن يحتجز بعضا، ويترك بعضا؟ ولقد كان مستعدا فى حياته الدنيا أن يبيع نفسه، لمن يشتريها- وقد باعها فعلا- لقاء حفنة من تراب هذا الذهب فكيف يلقى بهذا الذهب كله من يده؟ إنه العذاب الأليم الذي يجعله يذهل عن كل شىء حتى المال، وحتى الذهب.

[الآية: (٩٢) [سورة آل عمران (٣) : آية ٩٢]]

لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (٩٢)

التفسير: فى الآية السابقة أهدرت قيمة الذهب، فكان لا ثمن له فى يد من يملكه، ولو كان ملء الأرض! إذ ماذا ينفع المال فى هذا اليوم، الذي لا بيع فيه ولا شراء؟

ومن هنا لم يكن لهذا المال الذي قدمه الكافر فدية له، وهو مال كثير، يملأ وجه الأرض كلها- لم يكن له أي أثر فى رفع شر أو جلب خير! .. إنه مال مزهود فيه، لا تلتفت إليه عين، ولا تمتد إليه يد، فهو والتراب سواء! وفى هذه الآية يبين الله تعالى أن المال الذي يبذل، وللأنظار مطمح فيه، وللقلوب علقة به، وللنفوس هوى إليه- هو المال الذي يدفع به الشر، ويجلب به الخير.

<<  <  ج: ص:  >  >>