مناسبة السورة لما قبلها ختمت سورة الأحزاب السابقة بهذه الآية الكريمة:«إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا» .
ثم كانت الآية التي بعدها تعقيبا عليها.. فكأنّها وما بعدها آية واحدة.
وفي هذه الآية أو الآيتين، بيان لمقام الإنسان في هذا الوجود، وأنه الكائن الذي استقلّ وحده بحمل أمانة التكليف من بين الكائنات جميعها.. وإنه لن يمسك به في مقامه هذا إلا الإيمان بالله، إيمان وعى، وإدراك، وفهم، لجلال الله وعظمته، وقدرته، وماله من تصريف في ملكه، لا معقب له، ولا شريك معه.
وتبدأ سورة «سبأ» بقوله تعالى: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ» تبدأ بهذا الاستفتاح بحمد الله الذي له ما في السموات وما في الأرض..
وكأنها بهذا الاستفتاح تضع بين يدى الإنسان المفتاح الذي يحفظ به ما استودع من أمانات الله.. وهو حمد الله الذي له ما في السموات وما في الأرض.
فحمد الله، هو ثمرة الإيمان بالله، والمعرفة بجلاله، وعظمته، وما له في ذات الإنسان، من آيات الإحسان، وسوابغ النعم.. فمن آمن بالله حق الإيمان، كان لسان ذكر وحمد وشكر، لله ربّ العالمين، وذلك فيما يرى على ضوء هذا الإيمان من فضل الله، وإحسانه.