حملت سورة «العنكبوت» - التي سبقت هذه السورة- دعوة للمسلمين إلى أن يوطّنوا أنفسهم على ما يلقاهم من بلاء وفتن على طريق الإيمان، وآذنتهم بأنهم مبتلون بكثير من الشدائد والمحن، وأن فيما يبتلؤن به، الهجرة، وفراق الأهل والديار ... تم كان ختامها هذا الوعد الذي تلقّوه من الله سبحانه وتعالى، بأن الله سيهديهم السبيل المستقيم، سبيل الله، وأنه معهم، يمدّهم بأمداد نصره وتأييده.
ثم تجىء بعد هذا سورة «الروم» هذه، فتعرض مشهدا من الواقع، ونخبر عن حدث مشهود، يراه المسلمون والمشركون، يومئذ، وهو تلك الحرب التي وقعت بين الروم والفرس، والتي انتصر فيها الفرس، وهم عبدة أوثان، على الروم وهم أهل كتاب، كان ذلك، والحرب على أشدّها بين المشركين والمسلمين فى مكة، وقد كانت الدولة للمشركين، حيث كانوا هم الكثرة، وأصحاب القوة والجاه، على حين كان المسلمون قلّة قليلة، أغلبها من المستضعفين، من الإماء والعبيد، وكان أقوى المسلمين قوة، وأعزّهم نفرا، من يستطيع أن يفلت من يد القوم، ويخرج فارّا بدينه، تاركا كل شىء وراءه!!