التفسير: صلة هذه الآية بما قبلها، هى أن الرسول الكريم، وقد بلّغ رسالة ربّه، وأدّاها إلى عباد الله فاستجاب لها الناس، ودخلوا فى دين الله أفواجا.. وأن أهل الكتاب- من اليهود والنصارى- ما زاوا على موقفهم من تلك الدعوة، لم يستجيبوا لها- فى جملتهم- ولم ينتفعوا بما حملت إليهم من إلفاتهم إلى الكتب التي بين أيديهم، وتنبيههم إلى ما أدخلوه عليها من تحريف وتبديل، وما كتموه من حق فيها، وما تأوّلوه من أحكامها حسب أهوائهم- أما وذلك هو حال أهل الكتاب إلى هذا اليوم الأخير من أيام الدعوة الإسلامية، فقد جاء أمر الله سبحانه إلى النبي الكريم يدعوهم دعوة أخيرة، إلى أن يصححوا موقفهم من التوراة والإنجيل، وما أنزل إليهم من ربّهم على يد أنبيائهم، من أسفار ضمّوها إلى التوراة، وجعلوها جميعا كتابهم المقدس..
ذلك أنهم إذا لم يستجيبوا للنبىّ، ولم ينتفعوا بما بين يديه من كتاب كريم، فلا أقلّ من أن يستجيبوا لما فى أيديهم هم، وأن يقيموه على وجهه الصحيح، من غير تحريف، أو تأويل هو أشد خطرا من التحريف- فإن لم يفعلوا فهم ليسوا على شىء من الدين.. إنهم- والحال كذلك- أسوأ حالا، وشرّ مكانا، من الكفار والمشركين، إذ كانوا أهل كتاب فضيعوه، وأصحاب