يخبر سبحانه بإيمان المؤمنين الذي اتبعوا النبي، على نحو الإيمان الذي آمن به النبىّ.
وليس الإخبار بإيمان النبىّ والمؤمنين لمجرد الإعلام بمضمون هذا الخبر، وإنما لما ينكشف وراء هذا الخبر من الصورة التي كان عليها إيمانهم، فهذا الإيمان قائم على دعائم، هى: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، دون تفرقة بين أحد من رسله، فهم جميعا حملة رسالة الله إلى عباده، يعملون لغاية واحدة، هى هداية الناس إلى الله، وإقامتهم على صراط الله، ودين الله.. والتفرقة بينهم تفرقة للحق الذي جاءوا به، والحق وجه واحد، وطريق واحد، لا تختلف مناهجه، ولا تتفرق سبله.
ومن تمام هذا الإيمان أيضا، السمع والطاعة لله ولرسوله، والإنابة إلى الله في العثرات والزلات.
وقوله تعالى:«لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ» هو مقول لقول محذوف يدل عليه القول فى قوله تعالى: «وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا» أي قائلين لا نفرق بين أحد من رسله، وقالوا سمعنا وأطعنا.»
وفى هذا كله تعريض بأهل الكتاب، وخاصة اليهود، الذين فرّقوا دين الله، فآمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعضه، وعزلوا رسل الله بعضهم عن بعض كما عزلوا هم أنفسهم عن المجتمع الإنسانى كله.
[الآية:(٢٨٦) [سورة البقرة (٢) : آية ٢٨٦]]
لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٢٨٦)