التفسير: بعد أن كشف الله- سبحانه- أولئك الذين كفروا من أهل الكتاب، وما يبيّتون للمؤمنين من مكايد وفتن، ليفسدوا عليهم دينهم- دعا الله المؤمنين إلى أن يأخذوا حذرهم من هؤلاء الضالين المضلّين من أهل الكتاب:«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ» .. والفريق المعنىّ هنا من أهل الكتاب، هم العلماء منهم، والذين يحسنون وسائل التضليل والخداع، بما لهم من علم، وفى قوله تعالى:«وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ» ، تنبيه للمؤمنين وتحذير لهم، وتسفيه لمن تسوّل له نفسه منهم أن يستجيب لدعوة هؤلاء الضالّين، ويعطيهم منه أذنا واعية..
إذ كيف ينفذ هذا الضلال إلى قلب مؤمن، وهو يستمع إلى آيات الله تتلى عليه، ويرى بعينيه رسول الله قائما على رسالة السّماء، يتلقى آياتها، ويفيض على الناس منها؟ كيف- والأمر كذلك- يتحول عاقل من الناس من النور إلى الظلام، ومن الهدى إلى الضلال؟ إن ذلك لن يكون إلا من أحمق، أو سفيه، أو مجنون!