التفسير: نحن على رأينا من أنه ليس فى القرآن نسخ، وأن كتاب الله الذي فى أيدينا لا نسخ فيه، وأن آياته كلها عاملة أبد الدّهر.
وآيات القتال من الآيات التي أكثر المفسرون من القول بتوارد النسخ عليها! وهذا رأى- كما قلنا- لا نأخذ به ولا نقيم نظرنا عليه! فقوله تعالى:«وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ» ليس بالمنسوخ بالآية التي بعدها، كما يقول المفسّرون، ولا وجه لنسخه.. فالأمر بالقتال فى سبيل الله قائم ما قامت الحياة. وإذا كان القتال يقوم بين الناس فى وجوه كثيرة فى سبل غير سبيل الله، فالقتال فى سبيل الله أوجب القتال وأبرّه، وأعدله، وأكرمه، إذ كان ولا غاية له إلا الانتصار للحق، والتمكين له.. ثم إذا كان هذا القتال لم يكن مبادأة ولا هجوما، بل كان دفاعا وقصاصا، فهو القتال الذي لا بد منه، ولا بديل له، إن لم يطلبه الدين طلبته الدنيا.. ثم أيضا، إذا كان هذا القتال- مع مشروعيته دنيا وديانة، ومع حجزه عن المبادأة بالعدوان- غير متلبس بمجاوزة الحدّ فى القصاص، فهو القتال الذي لا يحسم الشر غيره، ولا يقيم الأمن والسلام سواه..