التفسير: ومما أحصاه الله من شناعات هؤلاء القوم- اليهود- كفرهم بالمسيح، وتكذيبهم له، وقولهم فيه وفى أمّه تلك الأقوال الشنيعة، التي هى محض بهتان وزور، فقد رموا مريم البتول بالفحش، واتهموها بالفاحشة ونسبوا ابنها إلى أنه ابن سفاح، جاء على غير رشدة.
كذلك مما أحصاه الله عليهم من المآثم، هذه الفعلة الشنيعة التي أصبحوا على إيمان بها، فلم يتأثمّوا، ولم يندموا، بل كان ذلك نغما مسعدا، ونشيدا مرفّها، يرددونه صباح مساء، ليغذّوا داء الانتقام والتشفّي الكامن فيهم..
«قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ» !! هكذا يملئون بها أفواههم، ويضربون بها على آذانهم! .. قتلنا المسيح.. عيسى بن مريم.. رسول الله..
فلم يكفهم أنهم قتلوا نفسا، بغيا وعدوانا.. كما كان ذلك معتقدهم..
ولم يكفهم أن تكون هذه النفس نفس إنسان لم يقل كلمة سوء، ولم يمدّ يده إلى أحد بسوء.. بل كان فمه مشرق نور ومطلع حكمة.. وكانت يده ملاك برّ ورحمة.. تهدى الشفاء إلى كل مريض، وتمسح بالعافية على كل ذى علة..
لم يكفهم هذا.. بل راحوا يعلنون هذا النبأ السارّ المسعد، يبشرون به فى آفاقهم، ويرفعونه إلى الله دعوات وصلوات، فى وقاحة واجتراء على الله.