الغيب التي حملها القرآن عزاء وبشرى للمؤمنين، إذ تلقّوا هذا الوعد الصادق الذي لا يخلف أبدا، فهوّن عليهم البلاء الذي هم فيه، وربط على قلوبهم بالصبر، انتظارا ليوم النصر، وقد جاء تأويل هذا فى تلك الخاتمة التي ختمت بها حياة الكفر والكافرين، يوم فتح مكة، يوم جاء نصر الله والفتح، ودخل الناس فى دين الله أفواجا.
هذا ما كان ينتظر الكافرين فى الدنيا، التي ظنوا أنهم يمسكون منها بالسبب القوىّ الذي لا ينقطع.. أما فى الآخرة فالأمر أدهى وأمرّ.. حيث تنتظرهم جهنم بسعيرها المتسعر، وعذابها الأليم.. «وَبِئْسَ الْمِهادُ» .
التفسير: إن يكن ثمّه شكّ عند أحد فيما سيلحق هؤلاء الكافرين المغترّين بكثرتهم وقوتهم على أيدى هذه القلّة المستضعفة من المؤمنين- فالشاهد حاضر بين أيديهم، والآثار ماثلة لهم فى أنفسهم.
فهذا يوم بدر- وما زال غبار المعركة منعقدا فى سمائه، وجثث قتلى المشركين وأشلاؤهم متناثرة على أرضه، وما زالت فلول الجيش المنهزم تحبو حبوا نحو مكة، مثخنة الجراح، متقطعة الأنفاس، موقرة بالخزي والعار- هذا يوم بدر يمثل لهؤلاء المشركين ما ينتظرهم فى مستقبل الأيام، من خزى وهزيمة على أيدى المسلمين، وإن قلّ عددهم وعدتهم، فليس الأمر أمر عدد