للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من خوف، يسألون عن أنباء المسلمين في جبهة القتال، لا اطمئنانا على المسلمين، ولكن استكشافا للأمر، وتعرفا على الموقف، حتى يأخذوا العدّة لأنفسهم على الوجه الذي يرونه، فإن جاءتهم الأنباء بأنّ المسلمين رجحت كفتهم وهبّت عليهم ريح النصر، انحازوا إليهم، وخلطوا أنفسهم بهم.. وإن كان الأمر على غير هذا، فلن يعدموا وسيلة يتوسلون بها إلى الأحزاب.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى عن موقف المنافقين: «الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ.. فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ؟ وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» (١٤١: النساء) .

- وقوله تعالى: «وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا» هو إنكار على المنافقين أن يسألوا عن أنباء هذا الموقف، وهم بمعزل عنه، وكان الأمر يقتضيهم أن يشاركوا في القتال، وأن يكونوا بين المقاتلين، إن لم يكن ذلك دفاعا عن الدين، فليكن عن الأهل والدار والوطن!! ومع هذا، فإنه لم يفت المسلمين خير كثير من تخلّف هؤلاء المتخلفين، لأنهم لو شهدوا القتال لما قاتلوا، أو قاتلوا قتال المنحرفين، الذين يطلبون السلامة لأنفسهم قبل كل شىء: «وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ» أي لو شهدوا القتال معكم «ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا» أي لم يكن لهم إلا قتال هزيل لا أثر له.

الآيات: (٢١- ٢٧) [سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ٢١ الى ٢٧]

لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (٢١) وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلاَّ إِيماناً وَتَسْلِيماً (٢٢) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (٢٣) لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (٢٤) وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً (٢٥)

وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً (٢٦) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (٢٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>