والمهاجرون معه من ديارهم فرارا بدينهم، وأن يفتنهم المشركون فيه «وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ» .
وأن الله- سبحانه- الذي نجّى بنى إسرائيل من عدوهم سينجّى النبي وأصحابه من عدوّهم، وأنه كما أحيا هؤلاء القوم وحفظ عليهم حياتهم سيحيى المسلمين ويحفظ عليهم دينهم! ثم إنه سبحانه- وقد جحد بنو إسرائيل نعمته فرماهم فى التيه- يرصد عقابه لكل من لا يشكر له، ويستقيم على طريقه القويم.
فليأخذ المسلمون العظة من هذا الحدث. وإلا صاروا إلى ما صار إليه هؤلاء القوم من فتنة وضلال!
التفسير: لقد نجّى الله المسلمين من عدوّهم، كما نجّى بنى إسرائيل من عدوّهم، ولكن بنى إسرائيل كفروا وجحدوا، وضنّوا أن يعطوا شيئا من أنفسهم لله الذي استنقذها وخلّصها. وهذه دعوة للمسلمين الذين خلصهم الله من البلاء، وعافاهم من السوء الذي كانت ترميهم به قريش- دعوة لهم أن يقاتلوا فى سبيل الله، وأن يدفعوا يد الضلّال والمفسدين عن طريق الحق والخير والسلام، فتلك هى الزكاة التي يؤدونها عن هذه النعمة التي ألبسهم الله إياها، وبذلك تضعف قوى البطش والطغيان، فلا تتسلط على عباد الله كما كانت متسلطة عليهم هم، من قبل أن يمنّ لله عليهم، وينجّيهم مما كانوا فيه من بلاء!