للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخصائص.. فلكل إنسان نبرات صوته، ومخارج كلماته، وطبقات أنغامه، التي تميزه عن غيره، فلا تختلط نبرة بنبرة، ولا يشتبه مخرج بمخرج، ولا تتماثل طبقة مع طبقة، وإن بدا في ظاهر الأمر أن هناك تماثلا وتشابها، بين صوت وصوت، ونغم ونغم، فإن الحقيقة غير هذا، حيث توجد فروق دقيقة، وخطوط هندسية غاية في الدقة، تفصل بين صوت وصوت، وتحجز بين نغم، ونغم. وكذلك الشأن في الألوان والأشكال، والصور.. إن يد القدرة القادرة المحكمة، قد أقامت كلا منها في موضعه، وجعلت بينها حاجزا، فلا يبغى بعضها على بعض.. تماما كما حجزت بين البحرين: «هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ، وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ» هذا، فى ظاهر الإنسان.. أماما في باطنه، فالأمر أعجب وأغرب..

فمنازع التفكير، ومناحى العواطف، ومسارب المشاعر، وخلجات الضمائر، ووسوسات الأهواء- إنها أمواج متدافعة على صدر محيط لا حدود له..

ومع هذا فلا تختلط موجة بموجة، ولا يضيع تيار في عباب تيار..!

- وفي قوله تعالى: «إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ» - إشارة إلى أن عين العلم هنا، هى التي تكشف هذه الأسرار، وتطّلع على هذه الآيات..

[[الليل.. وما وسق]]

قوله تعالى:

«وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ ... إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ» .

ومن دلائل قدرة الله، أن أليس الإنسان لباس النوم، ليجد فيه الجسم سكنه وراحته، مما يعالج في يقظته من أعمال، وما يحمل من أعباء.. فكان النوم واليقظة خلفة، يدوران في فلك الإنسان، كما يدور الليل والنهار في فلك

<<  <  ج: ص:  >  >>