وهو ألا يلتفت إلى عنادهم، وألا يلقى بالا إلى لغوهم وسفههم، وما يتقوّلونه عليه، وعلى القرآن الذي بين يديه، وأن يتصدّى لهم، ويقف في وجههم بهذا الحق الذي معه، وأن يجاهدهم به، ويرميهم بنذره، كما يقول الله تعالى:
«فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ.. إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ»(٧٩: النمل) وكما يقول جلّ شأنه «فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ»(٩٤: الحجر) .
وقد امتثل النبي- صلوات الله وسلامه عليه- أمر ربّه، فوقف من المشركين، وقفة الجبل الراسخ الأشمّ في وجه الرياح الهوج، والأعاصير العاتيات.. وقال قولته الخالدة، لعمّه أبى طالب، حين جاء يعرض عليه مهادنة قريش، وله عندها ما يشاء من جاه، ومال، وسلطان، فقال:«والله يا عمّ، لو وضعوا الشمس في يمنى، والقمر في شمالى، على أن أترك هذا الأمر، ما تركته، أو أهلك دونه» .
وفي قوله تعالى:«وَجاهِدْهُمْ بِهِ جِهاداً كَبِيراً» - إشارة إلى ما كان ينتظر النبي من أعباء ثقال، فى مواجهة قومه، وفي الصبر على المكاره التي يرمونه بها، فى قسوة، وحنق، وجنون.
الآيات:(٥٣- ٥٩) [سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٥٣ الى ٥٩]