وفى الآية الكريمة تعريض بأهل الكتاب، وخاصة اليهود، الذين نقضوا عهد الله، هذا الذي أخذه على أنبيائهم وعلى أتباع أنبيائهم، فكذّبوا بمحمد وبهتوه، وكتموا ما فى أيديهم من كتاب الله الذي لو استقاموا على ما فيه لكانوا أول المصدقين بمحمد، والمؤمنين به، إذ كانت التوراة تشهد لمحمد ولرسالته، وتبشّر به، كما يقول الله تعالى فى أهل الكتاب، وموقفهم من الرسول الكريم «الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ»(١٤٦: البقرة) ويقول سبحانه أيضا: «وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ»(٨٩: البقرة) .
وقد وصف الله سبحانه وتعالى أهل الكتاب هؤلاء الذين يكذبون رسل الله ويبهتونهم، بالفسق.. والفسق- فى اللغة- هو الخروج من حال إلى حال، ومن شأن إلى شأن، ثم كثر استعماله فى الخروج من خير إلى شر..
وأهل الكتاب هؤلاء كانوا على الإيمان قبل أن يمتحنوا بالدعوة التي حملها إليهم رسول الله، فلمّا زاغوا أزاغ الله قلوبهم، والله لا يهدى القوم الفاسقين.