فهى صلاة كاملة، مقبولة عند الله.. ذلك أن المسلمين كانوا يصلون إلى بيت المقدس، فلما هاجر النبىّ وتحولت القبلة إلى البيت الحرام اهتزت مشاعرهم، وساورهم القلق فى شأن تلك الصلاة التي صلّوها إلى بيت المقدس، فكان أن تداركهم الله برحمته، وأنزل عليهم قوله:«وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ» .
التفسير: يخبر الله سبحانه فى هذه الآية عن الحال التي كان يعانيها النبىّ الكريم، حين هاجر إلى المدينة وقلبه معلّق بمكة والبيت الحرام، ووجهه يتردد فى السماء بين مطالع المسجدين: المسجد الحرام والمسجد الأقصى، وهما على سمت واحد، فقطع الله عليه طريق التردد، وأمسك وجهه على القبلة التي تهفو إليها نفسه:«فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ، وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ» .
ويلاحظ أن هنا تقديما وتأخيرا فى عرض الأحداث، إذ جاء ذكر الآثار التي ترتبت على هذه الواقعة، قبل وقوعها، فكشفت الآيات عن موقف اليهود من تحول القبلة إلى المسجد الحرام أولا، ثم عرضت الأمر بهذا التحول بعد ذلك، وفى هذا ما يشعر بأن هذا التحول فى ذاته ما كان ليكون موضع تساؤل وجدل، فهو أمر من أمر الله، ووجه من الوجوه إليه: «وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ