جاء فى ختام سورة «المدثر» قوله تعالى: «كَلَّا بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ» جاء كاشفا عن العلة التي نجم عنها شرك المشركين، وكفرهم بآيات الله، وتكذيبهم لرسول الله.. وتلك العلة هى أنهم لا يؤمنون بالبعث، ولا يتصورون إمكان الحياة بعد الموت، ومن ثم فإنهم لا يعملون حسابا لما وراء حياتهم الدنيا، ولهذا أطلقوا عنان أهوائهم، وأسلموا زمامهم للشيطان، يعيشون كما تعيش السائمة.. والله سبحانه وتعالى يقول:«وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ»(١٢: محمد) .
ولو كان هؤلاء المشركون يؤمنون بالآخرة، ويتصورون إمكان الحياة، بعد الموت، لكان لهم نظرة إلى ما بعد هذه الحياة الدنيا، ولعملوا حسابا ليوم يلقون فيه ربهم، ويجزون فيه على أعمالهم.
وقد جاءت سورة القيامة، تعرض وقوع هذا اليوم، يوم القيامة، فى صورة واقع مشهود، له ذاتية معترف بها، فيقسم به الله سبحانه وتعالى، كما يقسم بالشمس، والقمر، والليل، والضحى، والعصر.. وغير ذلك من آياته المشهودة للعالمين.