من شأن هذا الكلام أن يكتب ويوثّق، حتى يحفظ من التبديل والتحريف، وهذا ما فعله الرسول الكريم، فى كل ما تلقاه وحيا من القرآن، إذ كان صلوات الله وسلامه عليه لا يكاد يفرغ من تلقّى ما أوحى إليه من ربّه، حتى يمليه على جماعة عرفوا بأنهم كتاب الوحى.
وانظر إلى تلك المفارقات العجيبة البعيدة بين إنسان أمّى، لا يقرأ ولا يكتب، يصطفيه الله للنبوة، ويختاره لرسالة دستورها القرآن الكريم، الذي يتلقاه وحيا من السماء على مدى نيف وعشرين سنة.. ثم تكون «اقْرَأْ» أول كلمة تفتتح بها هذه الرسالة.. ثم تتبع بكلمتي «عَلَّمَ بِالْقَلَمِ» .
وفى هذا ما يؤذن النبىّ بمحتوى جديد من محتويات رسالته، وهو الدعوة إلى القلم والقراءة والكتابة، فذلك من النعم التي أنعم الله بها على عباده، إذ سرعان ما أقبل العرب الأميون على القراءة والكتابة، على أنها دعوة من دعوة الدين، ولفتة من لفتات الشريعة، فتعلّموا وعلموا ما لم يكونوا يعلمون.