والتشويش عليها.. إنهم يلقون المؤمنين بوجه المنافقين، يقولون لهم آمنا بما تؤمنون به، وذلك منهم على سبيل الاستهزاء المتستر وراء نفاقهم المفضوح، ثم إن لهم مكرا غير هذا المكر أيضا، حين يخيل إليهم جهلهم أن دعوة الإسلام قائمة على خواء، وأنها تتلمس من خارج محيطها القوى التي تسندها وتشدّها، ولهذا فهم يتناجون ويتناصحون: ألا يتحدثوا إلى المسلمين بما عندهم من علم التوراة وأخبارها، حتى لا يتخذ المسلمون من ذلك حججا يقيمونها فى وجه اليهود! وكذبوا وضلوا، فما قامت الدعوة الإسلامية إلا على الحق، فمن الحق منزلها، وبالحق نزلت، رحمة وهدى للناس!
التفسير: والقوم فريقان: عامة، وخاصة، أو أميون، وعلماء.. والأميون- شأنهم فى كل أمة- مقودون لمقولات العلماء وأصحاب الفتيا فيهم، فإن ضلّ العلماء أو انحرف المفتون، عظم البلاء، وعمّ الخطب، فشمل الأمة كلها، ولهذا أخذ الله الميثاق على العلماء أن يؤدّوا أمانة ما حملوا من علم، فيفتحوا للناس طرق الهداية، ويكشفوا لهم سبل الرشاد: «وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ (٨٧ آل عمران) وعلماء بنى إسرائيل هم دعاة غواية وضلال فيهم، لا يؤدّون أمانة العلماء بينهم، بل يجيئون إليهم بالحق متلبّسا بالباطل، وبالهدى مختلطا