التفسير: هذا هو مقطع الفصل فيما تحدثت به الآيات السابقة، عن الكيد الذي يكيد به أهل الكتاب- وخاصة اليهود- للنبىّ ولرسالته، فى صدّ الناس عنه، وإلقاء الشبه والضلالات بين يدى المسلمين.. إنهم لن يرضوا عن النبىّ ولن يهادنوه، حتى يترك دعوته، ويطوى رسالته، ويدخل فيما هم فيه! «قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى» أي إن الهدى الذي بين يديك هو هدى الله، وهو الهدى الذي لا هدى إلا به.
«وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ» وهذا توكيد بأن ما مع النبي هو الهدى، وأن العدول عنه إلى ما يدعو إليه أهل الكتاب من مخلقات أهوائهم، هو البوار والهلاك.
وليس هذا مما ينتقص من الكتب السّماوية التي بين يدى أهل الكتاب، فهى والكتاب الذي نزل على محمد، سواء فيما تحمل إلى الناس من الحق والخير، ولكنّ الأهواء هى التي أفسدت على أهل الكتاب أمرهم، حين زاغت أبصارهم عن الحق، فمكروا بآيات الله.. ولهذا فإن الذين يتلون منهم كتاب الله الذي بين أيديهم حقّ تلاوته، لا يحرفون كلمه، ولا يبغونها عوجا- هؤلاء يجدون أنهم والكتاب الذي نزل على محمد على طريق واحد، وأنهم ملزمون بالإيمان به، وأن من يكفر به فإنما يكفر عن عناد، وعن علم، وذلك هو الفسوق الذي يورد صاحبه موارد الضلال والهلاك.
ثم يقول سبحانه وتعالى:
الآيتان:(١٢٢- ١٢٣) [سورة البقرة (٢) : الآيات ١٢٢ الى ١٢٣]