ولقد كانوا يعرفون صدق النبي، ويعرفون صدق الدين الذي جاء به،.
ولكنهم جحدوا هذا، حسدا وبغيا، فأوردوا أنفسهم موارد الهلاك، وماتوا ظمأ دون أن يردوا الماء الحاضر بين أيديهم.. وفى هذا يقول الله تعالى فيهم:«وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ»(٨٩- ٩٠ البقرة) .
وفى إسناد الفعل:«اسْتُجِيبَ لَهُ» إلى غير فاعله، ولم يسند إلى الفاعل هكذا:«من بعد ما استجابوا» - إشارة إلى أن استجابتهم لم تكن استجابة خالصة من الشك والارتياب، ولهذا لم يسند فعل الاستجابة إليهم.
وقوله تعالى:«حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ» أي هذا الجدل الذي يجادل به أهل الكتاب من اليهود، وهذه الحجج التي يوردونها للاحتجاج على الرسول بها- هى حجج داحضة، أي باطلة، توقع الممسك بها فى مزالق الكفر والضلال.. والدّحض من الأرض: الزلق، الذي تزلّ به الأقدام.. وعليهم غضب فى الدنيا، ولهم عذاب شديد فى الآخرة
الآيات:(١٧- ٢٠) [سورة الشورى (٤٢) : الآيات ١٧ الى ٢٠]