التفسير: قوله تعالى: «ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ» الإشارة هنا إلى هذا الفضل الذي فضل الله به تعالى على إبراهيم، ومن اجتباهم الله من ذريته، وأن ذلك لم يكن إلا من هداية الله لهم، وشرح صدورهم للإيمان به، ولولا ذلك لما كانوا من المهتدين.
وقوله سبحانه:«وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ» إنكار للشرك، ووعيد للمشركين، وأنه مما يجب على الإنسان العاقل أن يحذره كما يحذر النار التي تمد ألسنتها لتعلق به، وأن هؤلاء المكرمين من عباد الله لم ينالوا هذه المنزلة إلا بالإيمان بالله، ولو أنهم كانوا من المشركين لما نالوا شيئا من هذا، ولكانوا من الخاسرين.
وهذا يعنى أن الهدى وإن كان من الله الذي يهدى به من يشاء من عباده، فإن ذلك لا يعفى الإنسان من أن يطلب الهدى، ويلتمس مواقعه، كما يطلب تحصيل الرزق ويلتمس وجوهه، وألّا يسلم نفسه إلى التواكل والاستنامة، الأمر الذي لا ترضاه البهائم لنفسها، ولا تتخذه موقفا لها فى الحياة، وإلا هلكت، وماتت جوعا، مع أن الله سبحانه وتعالى، كفل لها رزقها، وضمن لها