يأخذون به أنفسهم؟ وتلك حجة يقيمونها بين يدى ضلالهم وغيّهم؟ إنه لو أخذت الحياة بهذا المنطق، وقبلت هذه الحجة، لكان على الناس أن يمسكوا بالزمن أن يتحرك، وبالأشياء أن تظل على حال واحدة، لا تتحول عنها أبدا.
ولكن أنّى للناس أن يفعلوا هذا؟ وأنّى للحياة أن تستجيب لهم لو أرادوا؟
إن الحياة وأشياءها فى تحول وتطور.. وفى كل لحظة تلبس الحياة ثوبا جديدا، وتبلى قديما.. وهكذا تبلى وتجدّد: وتخلع وتلبس..
وماذا يبقى للإنسان من عقله، بل ماذا يبقى له من وجوده، إذا لم يكن له حرية التحرك فى الحياة، والنظر فى كل جديد يطلع عليه منها، ثم الأخذ بما يقضى به العقل المتحرر من قيود التقاليد، ممّا يراه حقا وخيرا؟ وإنه لبالغ من ذلك ما فيه خيره وسعادته، إذ لا يغيب عن نظر العاقل وجه الخير، ولا تخفى عليه سمته.. فالحلال بين والحرام بيّن.. «وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ»(١٩- ٢٢: فاطر)«وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ»(١٢: فاطر) .