التفسير: كان أهل الجاهلية يعظمون أربعة أشهر، هى: ذو القعدة، وذو الحجة ومحرم ورجب، فكانوا لا يطلبون فيها ثارا، ولا يوقعون بينهم فيها قتالا، فهيئوا بذلك لأنفسهم فترة أمن وسلام، يستروحون فيها ريح الطمأنينة والعافية خلال هذا الشر المحتدم بينهم، وتلك الحروب المتقدة فى كل أفق من آفاقهم، معظم حياتهم.
وجاء الإسلام فزكّى هذا الشّعور الذي يودّ الإسلام لو استقام عليه الناس أبد الدهر، لو كان ذلك مما تحتمله النفوس البشرية، وتتقبله طبيعة الناس! ولكن ماذا يكون موقف الإسلام لو تخلّى المشركون عن هذا الشعور وأباحوا حرمة هذه الأشهر الحرم، وأعلنوها حربا على المسلمين؟ وماذا يكون موقف المسلمين لو عرف العدوّ من أمر دينهم هذا المعتقد، فانتهزها فرصة فيهم، وساق إليهم جيوشه، وأعمل فيهم أسلحته؟
أيمسك المسلمون عن القتال ويدعون العدو يمضى فيهم حكمه بالهلاك والفناء؟ ذلك أمر لا يقبله عقل، ولا يرتضيه دين، إلا أن يكون عذابا من عذاب الله، ونقمة من نقمه، كما دان الله به اليهود وشرعه لهم، حيث حرّم عليهم