وقوله تعالى:«فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» حسم لما بين هؤلاء المشركين وبين المسلمين من خلاف، وتصفية للشر الذي وقع بينهم، وذلك إذا انتهى هؤلاء المشركون عن شركهم، وأسلموا وجوههم لله..
عندئذ تنقطع أسباب القتال، وتزول آثاره، فلا ثارات، ولا ديات، ولا عداوة، بل يصبح الجميع إخوة، تجمعهم كلمة الإسلام، وتظللهم راية الإسلام!.
وفى قوله تعالى:«فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» تطيب لخاطر الفريقين جميعا، فليغفر بعضهم لبعض، وليرحم بعضهم بعضا من حمل البغضة والعداوة، ولهم عند الله المغفرة الواسعة والرحمة الشاملة، فإن الله غفور رحيم.
هذا وقد نظرنا فى تفسير قوله تعالى:«فَإِنِ انْتَهَوْا» وحملناه على الانتهاء مما كانوا عليه من شرك- نظرنا فى هذا إلى قوله تعالى «وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ»(٢٧٥: البقرة) .
وهذا المعنى هو الذي يلتقى مع قوله تعالى:«فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» حيث يغتسل المشركون الذين دخلوا فى الإسلام من أدران شركهم بما يفضل الله عليهم به من مغفرته ورحمته.
وقوله تعالى:«وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ» أمر بمقاتلة من بقي على شركه من مشركى مكة الذين يفتنون المؤمنين والمؤمنات، لأنه ما دام المشركون قائمين فالفتنة قائمة، والفتنة هى قتل للمسلمين، وعلى هذا فلا مهادنة مع المشركين «حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ» .. «فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ» أي فإن انتهوا عماهم فيه من شرك ودخلوا فى