جاء فى أول سورة الشورى:«حم، عسق كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» .. وقد قلنا فى تأويل هذه الآية: إن الوحى المشار إليه هنا، هو الوحى بتلك الحروف المقطعة، التي هى من كلام الله سبحانه وتعالى، لنبيه الكريم، من غير وساطة ملك، وإن هذا الوحى هو أشبه بالرمز والإشارة، بحيث لا يفهم ماوراء الرمز والإشارة إلا الرسول صلى الله عليه وسلم..
ثم جاء قوله تعالى: فى أول سورة الزخرف هذه: «حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» فكان فى هذا إشارة إلى ما يوحى إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- من آيات الله وكلماته، عن طريق الرسول السماوي، جبريل عليه السلام، مع ما تلقاه وحيا مباشرا من ربه..
وهذا الوحى به عن هذا الطريق، - طريق الرسول السماوي- هو الذي يشارك أهل اللسان العربي، النبىّ- صلى الله عليه وسلم- فى فهم دلالات ألفاظه، ومعانى آياته، لأنه بلسانهم الذي يتكلمون به، وبألفاظهم التي يتعاملون بها.. فليس إذن كلّ القرآن من هذا الوحى