والاستعداد للقاء النبىّ والمسلمين.. أما فتح مكة فقد كان تحت قوة قاهرة، وسلطان غالب، فلم يكن فى قريش من تحدّثه نفسه بلقاء النبىّ والمسلمين، والتصدي لهذا الجيش الغالب الذي دخل مكة على أهلها، وأعطاهم الأمان على حياتهم وأموالهم، إذا هم دخلوا فى دين الله، وقد دخل القوم فى دين الله صاغرين.. فهو نصر عزيز غالب، لا يلقاه القوم إلا فى ذلّة وانكسار.
إن صلح الحديبية يقدّم الحساب الختامى لجهاد النبىّ فى سبيل الدعوة، فيغفر له ربّه كلّ ما ألمّ بحمى النبوة، أو طاف بحرمها الطهور، من غبار هذا الاحتكاك المتصل بالحياة وأهلها.
إن هذا الغفران، هو عملية اغتسال بتلك الأنوار القدسية المنزلة على النبىّ من السماء، فلا يعلق بها بعد هذا شىء من غبار هذه الأرض.. وبهذا تتم نعمة النبوة، وتخلص للنبىّ، علوّية، قدسية، لم يمسسها سوء.